الرئيسية / ثقافة / ارشيف/ تقرير مجلة -الفجر- عن حياة الطالب عبد المجيد بن دانية / أكتوبر 1999

ارشيف/ تقرير مجلة -الفجر- عن حياة الطالب عبد المجيد بن دانية / أكتوبر 1999

Alfajer_CoverCropped

يسرنا اليوم ان نعيد نشر نبذة عن حياة الطالب عبد المجيد بن دانية رحمه الله؛ وذلك نقلا عن مجلة الفجر في عددها الأول في شهر اكتوبر 1999. نتقدم بالشكر الجزيل لمحمد الهادي غطاس على امدادنا عن هذا الرشيف بعد بحث دام لعدة سنوات. كما نشكر عبد اللطيف توصليحت على غنجازه للتقرير قبل قرابة 15 عاما. ننشر التقرير كما حرر آنذاك دون تصرف.

منّ الله سبحانه و تعالى الإنسان على سائر المخلوقات بالعقل، وألزمه بتنميته، ولا يكون ذلك إلا بتغذيته بالعلم، تحثه على العلم و رغبة حامله في دخول الجنة. و زاد من شأنه بأن جعل العلماء خلفاء الأنبياء من بعدهم، لقوله صلى الله عليه وسلم:” العلماء ورثة الأنبياء”. و رهّب من كتمانه وعدم نفع الناس به، لأن كتمان العلم المشروع كبيرة من الكبائر كما بينه الإمام الذهبي في كتابه *الكبائر*. فأضحى واجبا على العالم أن يعمل بعلمه في حدود مقدرته، لأنهم مناط رقي المستوى العلمي وركيزة استقرار المجتمع. و ما إنْ فُقد العمل بالعلم في بلد إلا طغى الجهل فيه فيدمر نفسه بنفسه كما تأكل النار الحطب. وعلى نهج الرسالة: سار العديد من العلماء، تعلموا وعلّموا و عاملوا، ولا تخلوا بلدتنا الطيبة من هؤلاء، فقد قطنها وارتحل منها و عبرها الكثير منهم *أبو عبد الله محمد بن بوبكر الفرسطاني* المعروف بـ*سيدي محمد السائح* و أبو محمد بن الخير و أبو زكريا الهواري وعبد العزيز بن محمد التاجي،و من نسل هذا الأخير *بن دانية الطالب عبد المجيد*، فمن يكون؟

نسبه و مولده :
ولد بتاريخ 21 ماي 1939 في أسرة صغيرة، ببلدة عمر،عبد المجيد بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز التاجي، من عائلة محافظة عرفت بالعلم والصلاح.
وأمه: فاطمة بنت محمد بركة التماسيني، وهي عائلة عريقة في مدينة تماسين.

نشأته العلمية :
ولد من أب بلتعمري وأم تماسينية من عائلتين محافظتين، وهذا ما جعله ينشأ نشأة دينية على عادة العائلات المحافظة، فبدأ يحفظ القرآن الكريم ودراسة بعض العلوم المتعلقة على يد والده الشيخ *أحمد بن عبد القادر* ثم واصل دراسته للقرآن وما يتعلق به لدى الشيخ *غطاس الطالب أحميدة* و الشيخ *بن دانية الطالب محمد العيد* رحمة الله عليهم أجمعين، فحفظ القرآن وسنه لا يتجاوز 18 سنة وحفظ متونا أخرى كالأجرومية والرحبية في علم الفرائض و « ابن عاشر » في فقه العبادات و متون أخرى. فكان أكثر الدارسين حفظا و أسرعهم فهما مما جعل الشيخ *غطاس الطالب احميدة* يقربه إليه و يجعله مساعدا له في التدريس سنة 1959. و لم يكتف بالدراسة في الكتاتيب فحسب، بل كان يوازي معها الدراسة النظامية فنهل من الشيخ الشاعر*محمد الأخضر السائحي*. وتلقى علوم الحساب، التاريخ، الجغرافيا، العلوم، الشعر… الخ مما دفعه إلى المواصلة في مدينة تماسين عند الشيخ *الصادق التيجاني* رغم مشاق الذهاب والإياب، كما لم يترك حلقات الدرس في المسجد فكان يحضر حلقات الشيخ* بلقاسم بن عبد الغني شتحونة* رغم صغر سنه. و جالس كبار القوم وأعيانه، ليعرف عن البلدة تاريخها و أنسابها و أصول أسرها، وتمعن أمهات الكتب التي ورثها الأب عن الجد ليأخذ منها ما شاء الله وارتضى، حتى سما بين أقرانه بالعلم و الصلاح. فعند ذلك ألزمه والده وشيخه بالانفصال في التدريس تشجيعا له بالأقدار عليه، فخص جناحا من بيته واتخذه مدرسة قرآنية وذلك سنة 1960 ميلادية، ولم يمنعه ذلك من مواصلة التنقلات طلبا للعلم و سيأتي ذكرها لاحقا.

Alfajer_Abdelmajid1

نشأته الاجتماعية:
لم يكن للشيخ أحمد بن عبد القادر أبناء أحياء، فكلهم ماتوا ماعدا *الطالب عبد المجيد وأخته مبروكة* مما جعله يحبهما كثيرا خاصة *الطالب عبد المجيد* فلم يكن يفارقه عند أوقات الدراسة، وكان يعرف من ويلات الظروف و ضياع الشباب ما جعله يمنع *عبد المجيد* عن السهر والسمر و اللعب معهم إلا في أوقات العطلة الأسبوعية أو الموسمية.
هذا التلازم الدائم بين الوالد وولده جعل* الطالب عبد المجيد * ينتسب إلى الأرض فعلم من أسرارها و فقه من مكوناتها الكثيرة وكما كان تاجرا في محل أبيه. وفي سنة 1958، التحق بمطار غرداية للعمل به، ولكنه أبى إلا أن يستقر في البلدة سنة 1960 في تدريس القرآن وخدمة الأرض.وفي سن الشباب كان يعمل على جمع الأموال لصالح جيش التحرير، وما إن استقلت الجزائر عمت النشاطات الثقافية و المسابقات الفكرية فنال المرتبة الأولى في حفظ القرآن و بعض علومه سنة 1963، ثم رئيسا للفوج الكشفي ببلدة عمر الذي كان يقوم بتنظيم النشاطات الثقافية و الرياضية.وفي سنة 1968 نال شهادة *الممارنة* التي تعادلها شهادة *التدريس* وبقي يعمل بالموازاة مع تدريس القرآن في النشاطات الكشفية حتى عين إماما بمسجد أبي ذر الغفاري أواخر 1978 بعد وفاة الشيخ* شاشة الطالب بابا خيرة* رحمة الله عليهم أجمعين.
في هذه السنين كان يتنقل بين فترة و أخرى إلى مناطق عدة طلبا للعلم أو جمعا له أو لحضور الندوات والملتقيات الفكرية ، فمن تقرت وضواحيها إلى ورقلة و محيطها فغرداية مدينة العلم و الكرم و قسنطينة و الجزائر …. و في أواخر الثمانينات عزم على زيارة الجامع الأزهر بالقاهرة فبدأ يوفر ما يمكنه من الاكتفاء و عدم الحاجة إلا أن المرض لازمه و منعه من ذلك.

أهم أعماله ومهامه:
أول أعماله فتح مدرسة قرآنية سنة 1960 و التي تعلم فيها الكثير من أهل البلدة، و رئيسا للفوج الكشفي في الستينات، ثم اماما سنة 1978، و عضوا بمجلس الأحكام بمحكمة ورقلة، ورئيسا لجمعية* نسيم الربيع* الدينية، وممثلا للأئمة وعمال السلك الديني بنضارة الشؤون الدينية، ثم ممثلا للنقل و المواصلات في البلدية، ثم رئيسا للجنة الحي ببلدة عمر و التي تقوم بتنظيم و تسيير الشؤون الاجتماعية لأهل البلدة ، كما كان يعقد حلقات درس في المسجد و في بيته كذلك يحضرها ويذكرها الكثير لما عرف به الشيخ من علم و تواضع وبشاشة و صراحة في دروسه و خطبه.هذه الأخلاق جعلته يكون رائدا في ميدان العلاج بالرقية فذاع صيته إلى بعيد.

Alfajer_Abdelmajid2

وفاته:
كان يعاني الشيخ من مرض في القلب الذي أصعب نشاطه حتى دخل المستشفى مرتين في جوان و أوت سنة 1995 فاستراح قليلا، ثم اشتد عليه في ديسمبر 1955 مما جعل زوجته وابنه *أحمد* يفضلان عرضه على الدكتور*حفيان* أخصائي أمراض القلب بورقلة. فألقى خطبته الأخيرة و الألم يكابده يوم الجمعة 29 ديسمبر 1995 ثم رافقه ابنه إلى ورقلة يوم الأحد 31 ديسمبر 1995 و أقام بالمستشفى حتى وافته المنية يوم الجمعة 05 جانفي 1996 أكرم الله مثواه وطيب ثراه.

Alfajer_Abdelmajid3

آثاره و تلامذته:
قضى الشيخ سنوات عدة في مهنة الإمامة مما جعله يترك رصيدا كبيرا من الخطب المنبرية، كما ترك مدرسة قرآنية والتي درس فيها الكثير من أهمهم:
1- قاشي الجموعي      إمام مسجد أبي ذر الغفاري
2- قانة محمد الأزهر      أستاذ
3- غطاس عطاء الله       معلم
4- مرابط التيجاني         إمام
5- ونيس يحي             إمام
و كذلك ابنه *أحمد* الذي حمل عاتق شؤون هذه المدرسة وكثيرا منهم لم نذكرهم.
وفقنا الله و إياهم إلى ما يحبه و يرضاه و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

توصليحت عبد اللطيف

Alfajer_Cover

Alfajer_Contents

Comments

التعليقات

شاهد أيضاً

سمر ثقافي في ليلة رمضانية

جمعت سهرة Comments التعليقات

2 تعليقان

  1. شكرا جزيلا Abdelhalim على التنويه.

  2. تحية تقدير و امتنان لكم على احياء شموع و اعلام بلدة عمر… ادامكم الله من صالحات اعماله.
    اريد ان انوه فقط بخطأ ارتكب في فقرة الوفاة . بالظبط في التاريخ 1955 من المفروض 1995. شكرا لكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.