الرئيسية / امزداغ / أهمية المرجعيات الاجتماعية في بناء مجتمع قوي

أهمية المرجعيات الاجتماعية في بناء مجتمع قوي

Roleof TraditionalLeaders2016

إن النهوض بالبلدة يقع حتما على عاتق نخبتها وكفاءاتها ومرجعياتها. ولم يعد هذا الأمر مجرد نوعا من الترف النخبوي أو نشاطا ثقافيا موسميا عابرا، بل أضحى ضرورة ملحة في ظل تهلهل قيم وأعراف وتقاليد المجتمع التلعمري الأصيل، والذي ضرب فيه أجدادنا أروع الأمثلة في التآزر والتكافل والتعاضد والتعاون لا بل والإيثار، مما جعل هذه القيم حصن منيعا وسورا مانعا لكينونة المجتمع وهويته .
وإذ تشهد بلدة عمر اليوم تراجعا خطيرا لهذه القيم ، مما جعلها تعيش حالة من التشرذم والتجزؤ والتبعثر والتململ والتيه ، لا بل جعل هذه البلدة مستباحة من كل الطامعين في خيراتها وموقعها من ذوي الذهنيات الإقطاعية والبرجوازية .إن هذه القيم والتي كانت إحدى ركائز استمرار وكينونة الجماعة المحلية نراها اليوم تندثر وتزول في ظل سكوت لفيف مهم من المجتمع وتواطؤ لفيف أخر وكذا استقالة النخبة من الدور المنوط بها ، في الوقت الذي تمكنت فيه مناطق مجاورة من تدارك أمرها بفضل تكاثف جهود كفاءاتها الاجتماعية والدينية والسياسية ونخبها العلمية، ورجال أعمالها وأعيانها وشيبها وشبابها.

لقد شكلت مناسبة المؤوية لبلدة عمر لحظة تاريخية نادرة واستثنائية لتلاحم القوى الفاعلة في بلدة عمر، إلا أن الطموحات الشخصية الضيقة سرعان ما تزاحمت على فتات التفاصيل ومهملة بذلك القضية الجوهرية التي أفضت بالبلدة إلى واقعها المزري . والذي تجلت ذروة مظاهره سنة واحدة بعد هذا الاحتفال الفلكلوري، حيث عشنا مرارة فقدان شابين يافعين عزيزين على قلوبنا في مأساة رمضان 2012 . وبعد مرور سنوات على تلك التراجيديا ، وللأسف الشديد فبدل أن تكون تلك المأساة لحظة فارقة بين موت المجتمعات وحياتها قفزت مرة أخرى فئة من هذا المجتمع تميزت أبدا بالذاتية للاستثمار في مآسي الناس، بينما تاهت مجموعة أخرى من المجتمع في فضاءات الدعة واللامبالاة ، ولذلك يجب أن نقف مرة أخرى وقفة تأمل وتألم أين يمكننا الخروج بالاستنتاجات التالية.

إن النسيج الاجتماعي لبلدة عمر أصبح على حافة التفتت الكلي.
إن الرهان على المؤسسات الرسمية كي تقوم بدورها أصبح غير كافي بدون مجتمع مدني قوي.
إن تلاقي العاملين السابقين يهددان بانهيار الكينونة الجماعية لبلدة عمر.
إن الرهان على التحصين الفردي للأسرة لم يعد مجديا في ظل المتغيرات.

ولذلك فانه لمناسبة سانحة في هذه الندوة الفكرية الموسومة ب أثر المرجعيات في تثبيت القيم الاجتماعية والتي تكرمت جمعية اقرأ ببلدة عمر بالالتفات إلى هذا الموضوع الهام الذي يسلط مزيدا من الضوء على دور المرجعيات في المجتمع سواء كانت هذه المرجعيات سياسية أو دينية آو اجتماعية ، حيث اختارت هذه الجمعية شخصيتين تلعمريتين، ويتعلق الأمر بالحاج بوباكر بوحنيك والأستاذ محمد السعيد قاشي ، ولا أحد في بلدة عمر ينفي نضالهما الطويل في سبيل القضايا الوطنية والاجتماعية ، فكلاهما تبوءا العمل السياسي ضمن صفوف جبهة التحرير الوطني والحركة الوطنية وكلاهما تصدرا المشهد الاجتماعي والأهلي .
إننا نعلم أنه هناك من سينبري من هذا المجتمع ليقول لماذا هذين الشخصيتين تحديدا؟. لا أريد أن نغرق مرة أخرى في براثن الجزئيات كما فعلنا قبل ذلك في المؤية وفي مناسبات عديدة كان حري بها ان تجمع البلاد لا أن تفرقه ، ولكن لا يجب ان نمضي مرة اخرى في البكاء على الاطلال.

file-page1
أريد أن أقول بأن جوهر القضية أعمق وأعقد من ذلك بكثير؛ فهدف الندوة يتمحور حول التحسيس بضرورة إيجاد مرجعيات تكرس قيم المجتمع القوي ، فعمر المجتمع أطول من عمر الشخص بكثير، وبغض النظر عن اتفاقنا آو اختلافنا عن أولوية هذه الشخصية أو تلك ، فالأكيد أن دراسة هذه الشخصيات هي جزئية صغيرة ، أمام جوهر القضية الذي يتمحور حول التحسيس بضرورة ايجاد مرجعيات في البلدة.
ثم أن هذه الشخصيات يجب أن تدرس في سياقها الزمني للحكم عليها ، فلا يمكن أن تقييم شخصية فاعلة في السبعينيات بمعطيات 2016 ، كما لا يمكن معاملة هذه الشخصيات بأنهم ملائكة ، فهم بشر ولا أحد منهم ومنا يجلس على كرسي العصمة، انه أصبح لزاما على نخب وكفاءات البلدة التجنيد والاستنفار من اجل إيقاف الانحدار السريع نحو الهاوية

د. الاخضر مرابط

Comments

التعليقات

شاهد أيضاً

تطبيق امزداغ أجهزة اندرويد الهاتفية واللوحية

يمكنكم الآن Comments التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.