الرئيسية / امزداغ / حسابات الربح و الخسارة و الدروس المستفادة

حسابات الربح و الخسارة و الدروس المستفادة

الآن و بعد أن انقشع غبار سباق الإنتخابات المحلية نرى انه لابد من تقييم هذا الإستحقاق من حيث الدروس المستفادة من هذه التجربة التي يجمع الملاحظون  على أنها تمت في ظرووف محلية استثنائية جدا، عقب أحداث أوت الاسود ، و ما تلاها من تجند جماعي انتهى و يا للمفارقة بحالة استقطاب محلية شديدة، بين من تمسكوا بما سمي قائمة الإجماع من جهة ، و خصومهم السياسيين الذين بادروا إلى تشكيل قوائم منافسة من جهة أخرى. كانت هذه بداية تصدع حالة التجند المحلي التي تكونت عقب أحداث رمضان الفارط. ساد جو من الإحباط العام إثر فشل مبادرة القائمة الموحدة من أجل المصلحة العامة كما قيل، لكننا نرى انه و بالرغم من حالة التآزر تلك إلا أن الشروط لم تتوفر حينها لتحقيق الإجماع حول قائمة موحد،ة و ذلك عائد اساسا إلى ان حالة الإنصهار الجماعي لبلدة عمر لم تصل إلى درجة تسمح بصهر أو على الاقل تحييد جميع الطموحات الشخصية أو المحموعاتية.

 هكذا اذن دخلت بلدة عمر الإنتخابات البلدية بخمس قوائم انتخابية وسط جو من الاستقطاب الحاد و غير المسبوق أججته حملة انتخابية متميزة من حيث السياق و الوسائل و الفاعليين. أول ملمح طبع الإنتخابات المحلية هذه هو إنخراط الشباب في العمل السياسي بشكل لافت. قد يكون رفع عدد مقاعد المجلس البلدي إلى 15 قد شجع على ذلك. و لكن يبقى ان إقبال النساء على الترشح في القوائم المختلفة ظل ضعيفا جدا لا يتسق مع تفاعلهن مع الاحداث المحلية منذ تجمعهن المشهود يوم 16 اوت و مرورا بمسيرتهن المفاجئة يوم الدخول المدرسي في 09 سبتمبر. ربما يعود الأمر إلى ان الفاعلات في الميدان لم يبلورن بعد توجها عاما يقضي بضرورة الإنتقال من دائرة رد الفعل إلى مجال صناعته و التاثير في تدبير الشؤون المحلية؛ من خلال التمثيل الإنتخابيي و المشاركة السياسية. إن التحولات الاجتماعية للحراك النسوي المحلي ظاهرة تستوجب الرصد المتواصل و الدراسة العميقة.

 افضت الإنتخابات إلى نسبة مشاركة قاربت 70 % من اصل حوالي 7750 ناخب، و بعد خصم أصوات الوعاء الإنتخابي لقوق – أي ما يربو عن 1100 صوت- فانه يمكننا أن نخلص إلى أن بلدة عمر و في ذروة تجندها وأقصى درجات إقبالها على المشاركة في الإنتخابات الاخيرة لم تتمكن من أن تحشد اكثر من 4000 صوت ، بعد خصم الاوراق الملغاة و كذا قائمة الكرامة. إن دراسة هذه النتائج لهو أمر هام من أجل تحديد الوعاء الإنتخابي لبلدتنا. إذ يترتب عليه خيارات تشكيل القوائم الإنتخابية في الاستحقاقات القادمة، و منه هندسة الحملات الإنتخابية و ترتيب المترشحين خاصة في الإنتخابات الولائية.

 في ضوء هذه المعطيات نجد أن متصدر قائمة حزب العمال في الولائي قد إرتكب خطا فادحا عندما راهن في تنشيط حملته الإنتخابية على أصوات سكان بلدة عمر لوحدها؛ مهملا بذلك أصوات الدوائر المجاورة ، خاصة و أن بعضها لم تقدم مرشحا في الولائي كما هو الحال في تماسين. لقد كانت أصوات بلدة عمر محسومة مسبقا للسيد محمد قاشي في الولائي، ذلك انه المترشح الوحيد من البلدة الذي يتصدر قائمته في إنتخابات مجلس ولائي ورقلة. كان على السيد قاشي أن ينشط حملته في تماسن أو دوائر تقرت الأخرى كي يجلب ال4000 صوت الأخرى لكي تنظم إلى أصوات بلدة عمر، عله حينها يضمن مقعدا في جو الاستقطاب الحاد بين قوائم تقرت و قوائم ورقلة.

 لقد واكبنا الحملة الإنتخابية منذ بداية إحتدامها و قد سعينا إلى تغطيتها بكل حيادية و إنفتاح كاملين على الجميع. تفاعلت بعض القوائم معنا منذ الأايام الأولى  في حين لم تنتبه بعض القوائم إلى ضرورة التفاعل مع بعض الفئات الناخبة من خلال الإنترنت إلا في الأيام الأخيرة للحملة الإنتخابية. لقد لاحقنا المعلومة و الخبر أول بأول و حاولنا ليس فقط تقديم الخبر و لكن  أيضا رصد الكواليس و طرح تسائلات و إستفهامات نعتقد أنها أسهمت في التفاعل الإيجابي و توجيه النقاش المحلي نحو جوهر القضايا بدل الاستغراق في حماسة اللحظة.

   هكذا إذن كان الافتتاح بعشرة اسئلة  وجهت للطامحين لرئاسة المجلس البلدي، تزامن ذلك مع اطلاق استطلاع للرأي بغرض رصد التوجه العام في الشارع السياسي. و مع تسارع الأحداث واكبنا نبض الشارع ابتداءا من قراءة نقدية لتركة الآرندي و وصولا إلى موقعة كولومبيا. و قد بدا تفاعل القراء واضحا من خلال التعليقات و كذا تغير نتائج الإستطلاع عقب نشر كل موضوع أو خبر جديد، كان أبرزها دخول انصار قائمة الكرامة على الخط يوم 20 نوفمبر عقب نشر موضوع حول حظوظ عودة الحزب العتيد لتسير البلدية.

يبدو ان موقعة كولومبيا لم تحسم السباق الإنتخابي تماما إذ أنه و مباشرة عقب نشر النتائج النهائية للإنتخابات بدأت معركة التحالفات و التحالفات المضادة. لسنا بصدد إعادة سرد ما جرى في العلن و في الكواليس.. فازت جبهة التحرير ب 7 مقاعد، تلتها الجبهة الوطنية ب  4 مقاعد ،  فقائمة الكرامة ب 3 مقاعد ، و أخيرا حزب الفجر الجديد بمقعد وحيد لكن حاسم للعبة التحالفات. لقد تحولت قائمة الإجماع إلى صانعة للملوك في ظل ضبابية المادة 80 لقانون الانتخاب، و خصوصا بعد اصدار تعليمة وزارة الداخلية و التي نصت على حسم تنصيب المجالس من خلال آلية تحالف القوائم في حال عدم تزكية مرشح القائمة الفائزة. هكذا إذن، وجد حزب الفجر الجديد نفسه بين خيارين أحلاهما مر: إما التحالف مع غريمه الأفالان أو الإصطفاف مع قائمتي الجبهة الوطنية و الكرامة. بالنسبة لهذه الأخيرة لم يكن التحالف مع غير الحزب العتيد واردا، حيث ان ذلك كان سيفهم على اساس انه إمعانا في تأجيج الأزمة القائمة بين بلدة عمر و قوق، على الضفة الشرقية لواد ريغ. و مع تواتر اصداء في الكواليس عن فشل محاولات طلب التحالف من الجبهة الوطنية مع كرامة الضفة الشرقية أصبح واضحا ان الخيار الوحيد للفجر الجديد هو الالتحاق بأغلبية الافالان و الكرامة. قد يكون جو الغضب العام في الشارع اثناء تواتر أخبار مشاريع تحالفات مع الضفة الشرقية قد أثر في حسم أمر قائمة الفجر المتردد .

  لقد أخطأت الجبهة الوطنية في قراءة الخريطة السياسية التي تشكلت إثر تعليمة الداخلية، حيث انه لم يبق مجالا للمناورة في ظل معطيات مفرزات العملية الإنتخابية محليا. كان ذلك ما التقطته قائمة الكرامة فقررت ببراغمتية بحثة الإصطفاف إلى جانب الحزب العتيد. و بحصولها على أغلبية المقاعد كانت جبهة التحرير ستفوز بالرئاسة في جميع الأحوال و ذلك لإستحالة أي تحالف للكرامة مع القوائم الأخرى. كان ذلك ما تنبهت له قائمة الفجر فسارعت إلى قطع تذكرة في القطار المنطلق قبل ان تعصف بها موجة السخط العارم في الشارع. و مع ذلك تكون قد حققت شعارها و هو الإجماع – انطلاقا من قاعدتها الجبهوية نحو المستقبل – الذي اخفقت الافانا في إدراكه. انها السياسة، إنها فن الممكن.

Comments

التعليقات

شاهد أيضاً

تطبيق امزداغ أجهزة اندرويد الهاتفية واللوحية

يمكنكم الآن Comments التعليقات

3 تعليقات

  1. رغم ان الحلقة انتهت الا ان المسلسل لازال متواصلا وسيتواصل مع استحقاقات اخرى مستقبلية لكن الشيئ الذي اتمناه هو تحسين مستوى الاداء السياسي والثقافة السيلسية لدى سكان بلدة عمر فليس بالضرورة ان كل استاذ او جامعي او انسان ناس ملاح او موظف ان يكون سياسي ويرشح نفسه فاتمنى المرة القادمة ان لا ستهافت من هب ودب للترشح اتركوا السياسة للساسة

  2. يا أميس نمزعاغ
    بارك الله فيك
    وه>ه بلدة عمر تيقظن من غفوتها لللالتحاق بالركب ومن ثم لبقاء
    أرجو أن أكون مستقبلا قادرا على المساهمة، لكن ليس في المجال السياسي الدي لا أحسنه مع الأسف.
    تحيات الصحراوي أميس نمزداغ إلى أخبار نمزداغ

  3. مقال رائع جدا لخص كل شيء بكل حيادية ودقة …. أشكركم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.